إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

53 ـ إدموند  دى روتشيلد (1845 ـ 1934)

البارون أدموند جيمس روتشيلد، اقتصادي ورجل أعمال، وأهم المشاركين في تنمية المشروعات اليهودية في فلسطين. وهو أحد أفراد أسرة روتشيلد، أشهر العائلات اليهودية المصرفية في العالم، ونشأت هذه الأسرة في فرانكفورت في القرن السادس عشر، والاسم روتشيلد منقول من عبارة ألمانية تعني (الدرع الأحمر)، وتشير كلمة درع هنا إلى ذلك الدرع الذي كان واجهة منزل مؤسس العائلة إسحق أكانان. وحققت عائلة روتشيلد الثراء في القرن الثامن عشر بعد أن حقق ـ ماجير روتشيلد ـ ماير روتشليلد (1743 ـ 1812م) أرباحاً طائلة من اشتغاله بالعملة أثناء حروب الثورة الفرنسية. ودرب أبناءه الخمسة على أساليب الحرص في إدارة الأموال، فقد كان روتشيلد يدير استثمارات تدر أرباحاً معقولة وليست مفرطة، وقد تفرق أبناؤه الخمسة وأسسوا أعمالهم في خمسة بلاد أوربية مختلفة، وكونوا شبكة من المؤسسات المالية المرتبطة ببعضها البعض.

وإدموند هو أحد زعماء الفرع الفرنسي لعائلة روتشيلد اليهودية، وأحد الأبناء الخمسة لجيمس ماير دي روتشيلد (1792 ـ 1868م)، مؤسس فرع العائلة في فرنسا. ولد في فرنسا واهتم بالمسألة اليهودية منذ صغره. وقد بدأ اهتمام إدموند جيمس روتشيلد بقضية يهود اليديشية، وبعملية توطين اليهود في فلسطين في الثمانينيات من القرن التاسع عشر، وهي الفترة التي شهدت هجرة أعداد كبيرة من يهود شرق أوروبا إلى غربها وإلى الولايات المتحدة وغيرها. وقد تحمس روتشيلد وغيره من أثرياء اليهود المندمجين في أوربا للمشروع الصهيوني نظراً لتخوفهم مما قد يخلقه تدفق هذه الأعداد الكبيرة من يهود شرق أوربا ذوي الثقافة اليديشية الشرق أوربية (المتخلفة في نظرهم)، فوصول مثل هذه الجماعات من يهود اليديشية كان يمثل تهديداً لمكانتهم الاجتماعية ومواقعهم الطبقية. وقد استقبل إدموند روتشيلد مشروع هرتزل في أول الأمر بفتور لاعتقاده أن فلسطين لا يمكن أن تستوعب هجرة جماعية ضخمة، وأن إقامة دولة صهيونية قد يدعو كل المعادين للسامية للمطالبة بطرد اليهود من البلاد التي يعيشون فيها، وكان يرى أن المشروع الصهيوني برمته غير عملي، وكان يفضل أن تتم عملية الاستيطان في فلسطين بشكل هادئ وتدريجي. إلا أنه كان مهتماً بأعمال الاستيطان التي كانت تتم في فلسطين علي يد حركة أحباء صهيون، وقام بدعمها عن طريق المنح المالية، ومساهمته الكبيرة في المشاريع الاستيطانية اليهودية في فلسطين. ففي عام 1882م، وهي السنة نفسها التي احتلت بريطانيا فيها مصر، نظّم البارون إدموند روتشيلد أول هجرة جماعية يهودية إلى فلسطين. وفي الوقت نفسه، كانت أسرة روتشيلد، قد بدأت في جمع تبرعات ومساهمات طائلة لشراء أراضٍ في فلسطين، وكانت الواجهة الظاهرة لهذه العملية، مؤسسة للاستثمار في مجال الأراضي الزراعية في المشرق العربي. وخلال عشر سنوات، اكتمل إنشاء عشرين مستعمرة كبيرة، ومستعمرات أخرى صغيرة.

وقد وصل إنفاق إدموند روتشيلد على المستوطنين خلال الفترة (1883 - 1899) حوالي 1.600.000 جنيه إسترليني، وقد اشترى روتشيلد أرضاً في فلسطين أواخر عام 1883م لإقامة مستوطنة زراعية نموذجية لحسابه الخاص أطلق عليها اسم والدته، كما ساهم في إقامة صناعات كثيرة لليهود في فلسطين، فقد أسس صناعة الزجاج والنبيذ وزيت الزيتون وعدد من المطاحن في حيفا وملاحات في عتليت، وساهم في تأسيس هيئة كهرباء فلسطين عام 1921م. ولم يقتصر نشاط إدموند روتشيلد على الجانب الاقتصادي فقط، بل ساهم في برامج التعليم اليهودي، ومنها مساهمته بالمعونة اللازمة لإنشاء أول جامعة عبرية في القدس، وفتح عدد من المدارس التلمودية. وبناء عشرات من المعابد اليهودية. وقد وصل حجم رعاية روتشيلد ودعمه للمستوطنات إلى الحد الذي أكسبه لقب "أبو اليشوف" أي أبو المستوطن الصهيوني. واستخدم نفوذه للحصول على موافقة فرنسا على وعد بلفور وعلى إدخال فلسطين تحت الانتداب البريطاني. وقد أسس روتشيلد عام 1924م جمعية الاستيطان اليهودي في فلسطين. وفي عام 1929م عين رئيساً فخرياُ للوكالة اليهودية التى كانت قد أنشئت قبل ذلك بسنوات قلائل. ولولا مساعدات المليونيرات اليهود للحركة الصهيونية، لما قامت للحركة أو دولة إسرائيل قائمة.